انطلق فريق جمعية الحياة لأفريقيا من إسطنبول، في رحلة إنسانية إلى دولة تشاد في منتصف عام 2023، كانت المهمة تهدف إلى افتتاح مشاريع حيوية تُحسن من حياة الأهالي، وكان من بين هذه المشاريع افتتاح آبار مياه في جنوب تشاد، بالقرب من الحدود الكاميرونية، المسافة الطويلة التي قطعها الفريق، حوالي 237 كيلومتراً من العاصمة أنجمينا، تطلبت سبع ساعات ونصف من السفر عبر طرق وعرة ومليئة بالتحديات، لكن ذلك لم يثنِ عزيمتهم عن تحقيق أهداف الرحلة.
مسجد طيني يكشف معاناة قرية بأكملها
في طريق العودة إلى العاصمة أنجمينا توقف فريق جمعية الحياة لأفريقيا داخل قرية “مايولوميا” لأداء صلاة المغرب، والتي تبعد حوالي 140 كيلومتراً عن العاصمة، بدت القرية وكأنها تجسد معاناة المجتمعات المهمشة، يبلغ عدد سكانها 1000 نسمة، يعيشون في فقر مدقع بنسبة 95%، بينما تصل نسبة الأمية إلى 90%. المسلمون يشكلون حوالي 85% من السكان، كانت مرافقهم الدينية متواضعة للغاية.
صادف الفريق مسجد قديم مبني من الطين، يمثل رمزاً للحياة الروحية لأهالي القرية، المسجد بالكاد يفي بالغرض من تهالكه الشديد، قام الفريق بتوثيق حالة المسجد من الداخل والخارج، والتقط صوراً للمنطقة المحيطة، وخلال اللقاء مع المصلين، شرح الأهالي احتياجاتهم، حيث أعربوا عن أملهم في الحصول على مسجد جديد يلبي متطلبات العبادة بشكل أفضل.
من التوثيق إلى العطاء
قام فريق الجمعية بعد عودتهم إلى إسطنبول، بإرسال الصور والتوثيقات إلى عدد من المانحين، جاءت الاستجابة السريعة من جمعية Insaf Insani الماليزية، التي تواصلت مع الجمعية وأبدت استعدادها لتكفل بناء مسجد جديد بدلاً من المسجد الطيني، تم اختيار اسم “مسجد قبة الصخرة” لهذا المشروع الجديد ليكون رمزاً للنهضة والكرامة.
من قصصنا: رحلة باسيدو من الوثنية إلى النور
ميلاد مسجد جديد في مايولوميا
بدأت أعمال البناء في المسجد الجديد مع بداية عام 2024، استغرق التنفيذ ثلاثة أشهر فقط، حيث بُني المسجد وفقاً لأفضل المعايير الممكنة، وتم افتتاحه في شهر سبتمبر من العام نفسه، لم يتوقف المشروع عند بناء المسجد، بل تم إنشاء بئر يعمل بالطاقة الشمسية بجواره لتوفير مياه نظيفة لأهالي القرية والمسافرين الذين يمرون بها.
أمل جديد في مايولوميا
افتتاح المسجد الجديد كان بمثابة بصيص أمل لأهالي مايولوميا، الذين استقبلوا المشروع بفرح كبير، المسجد الجديد لم يعد مجرد مكان للصلاة، بل أصبح منارة تجمع الأهالي وتعزز الروابط بينهم، كما وفر البئر مياه الشرب النظيفة التي طالما احتاجها السكان في حياتهم اليومية.
قصة مسجد قبة الصخرة في مايولوميا تُظهر كيف يمكن لتكاتف الجهود الإنسانية أن يغير حياة المجتمعات المحرومة، إنها دعوة صادقة للمؤسسات والأفراد في أنحاء العالم للاستمرار في دعم المشاريع التنموية التي تسهم في بناء مستقبل أفضل للمجتمعات المحتاجة، لأن كل عمل خير مهما بدا بسيطاً، يحمل في طياته إمكانية تغيير حياة الكثيرين.
تضيف جمعية الحياة لأفريقيا وجمعية Insaf Insani الماليزية بهذا الإنجاز صفحة جديدة إلى سجل العطاء الإنساني، لتكون مايولوميا شاهدة على قوة التعاون وأثره العميق في بناء حاضر ومستقبل أفضل.